الوراثة هي العلم الذي يدرس كيفية انتقال الصفات الوراثية من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة. إنها القوى الخفية التي تحدد لنا شكلنا وصفاتنا المختلفة، من لون العين والشعر إلى ملامح وجهنا وصفات جسمنا. تعبر مفاهيم الوراثة عن آلية تحويل المعلومات الوراثية من والدين إلى أبنائهما، وتحكم في تطور وتشكيل الكائنات الحية.
_001.jpg)
_002.jpg)
وهنا تأتي سؤال مهم: هل يمكن للوراثة أن تؤثر في سلوك الكائنات الحية؟ الإجابة نعم، فبعض السلوكيات - مثل الغرائز - تعتبر صفات موروثة. الغريزة هي تلك السلوكيات والمهارات التي تأتي مع الكائنات منذ ولادتها، ولا يحتاج الفرد إلى تعلمها. فمثلاً، مهارة بناء العنكبوت شبكتها أو النحل في اتخاذ بيوتها من الأشجار والجبال، كل ذلك يعتبر غريزة موروثة.
في العام 1856، بدأ العالم جريجور مندل تجاربه على نبات البازلاء. توصل مندل إلى اكتشافات هامة تمثلت في أن الصفات الموروثة تنتقل من الآباء إلى الأبناء خلال عملية التكاثر. وأثبت أن كل صفة موروثة تتحكم فيها عاملان، واحد من الأب وآخر من الأم، وهذه العوامل هي ما يعرفها العلماء اليوم بالجينات.
تحمل الجينات معلومات كيميائية دقيقة تحكم في ظهور وتطور الصفات الموروثة. إن مفهوم الصفات السائدة والراكدة يمكن أن يشرح كيفية تحكم الجينات في ظهور الصفات. فالصفة الس
ائدة هي التي تظهر بقوة عند وجودها، وتحجب بذلك ظهور الصفة الراكدة، ويمكن أن تظهر الصفة الراكدة عندما يكون هناك وجودها فقط.
هل يمكننا تتبع الصفات الوراثية؟ بالتأكيد، هناك بعض الصفات التي يمكن رؤيتها بسهولة، مثل لون الشعر أو العيون. ولكن هناك صفات أخرى لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. بعض الأفراد يحملون صفاتٍ ليست ظاهرة فيهم، ومع ذلك يمكنهم نقل هذه الصفات إلى أبنائهم. لذا، يتم استخدام مخططات الشلالة لتتبع الصفات الوراثية في العائلة وفهم الأنماط الوراثية المختلفة.
باختصار، الوراثة هي العملية العجيبة التي تحدد لنا من نكون وكيف نتطور. تعد دراسة الوراثة مفتاحًا لفهم تعقيدات الحياة وتنوعها، وهي رحلة لا تنتهي في استكشاف أسرار وصفاتنا والعالم الحي الذي نعيش فيه.