أخر الاخبار

شرح درس الولدُ سرَّ أبيه الجاحظ

الولدُ سرَّ أبيه الجاحظ

تمهيد:

النص للجاحظ ، وهو من الفرقة المعتزلة من "العصر العباسي" التي اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية مما أدى إلى ابتعادها عن العقيدة الصحيحة . ومن أشهر تصانيفه الحيوان – البيان و التبيين – البخلاء.

عنوان النص:

"الولدُ سرَّ أبيه" تكون العنوان من جملة اسمية لتدل على ثبات صفة البخل الشنيعة في الأب و ابنه ؛ فالكاتب يميل إلى أن البخل طبع في الإنسان ، فهو كالكرم متأصل في النفوس.

تحديد موضوع النص:

كيف يكون الولد سر أبيه؟ حينما يكتسب الابن صفات أبيه و يكون صورة ملتقطة من شخصية والده ، بل يتفوق عليه فيها.

تعريف النادرة:

النادرة هي نمط سردي على هيئة "قصة" يكون فيها الراوي حاضراً نيابة عن الكاتب كما في القصة ، و هي حدث قليل الوقوع مثير للدهشة و الضحك.

الفرق بين القصة و النادرة:

يكمن الفرق بين القصة و النادرة في العقدة و الحل.
*في القصة: تكون العقدة و الحل سببهما منطقي ، أما في النادرة : فيكون سبب العقدة و الحل غير منطقي و يقوم على المفارقة و الدهشو و الضحك.

*النمط الكتابي:سردي وصفي حجاجي.                                 *الجنس الأدبي:نادرة.

بنية النص:

- القصة الأولى:من أول النص إلى "الحياة بدونه".                         و عنوانه: قصة الأب البخيل.
- القصة الثانية:من "فلما مات" إلى "فأشير إليها باللقمة".                و عنوانه: قصة الابن الأكثر بخلاً من أبيه.
- الخطاب المعلق على الحكاية: من "و لا يعجبني" إلى آخر النص.     و عنوانه: تعليقٌ من الكاتب.

الفكرة العامة:

- تفوق الأب على أبيه في صفة البخل.

- القصة الأولى تراجعٌ عن صرف الدرهم


 



 (( وضع البداية )):

1)الوصف:
*بدأ الكاتب بالوصف و ابتعد عن السرد اقتصاداً في الكتابة و ذلك يعود لكونه بخيل جداً فالاقتصاد مهم بالنسبة له حتى في الكلام.
*وصف الكاتب عنصرين أساسيين في القصة و هما الأب البخيل و الدرهم ؛ و ذلك لإبراز بخل الأب.


 



2) الحوار:

- حوار الأب البخيل مع الدرهم كان حواراً باطنياً ، يخاطب فيه الأب نفسه تجاه الدرهم.
- جاء الحوار في هذا الجزء ليكشف القيم النفسية و يبين بخل الأب الشديد.
- غاب الحوار الثنائي لأن الأب البخيل كان غالباً مايجلس لوحده بعيداً عن أهله و عن الناس ؛ بسبب موقع الدرهم بالنسبة له و كأن الدرهم إنسان واحد مع نفسه.

3) الموقف المسرحي:

- كان الأب البخيل يناجي و يخاطب الدرهم و ذلك لإبراز حركة الدرهم و انتقاله بين الأيدي ، دلالة على وعيه و حرصه عليه.
- البعد النفسي التي تقوم عليه مناجاة الدرهم: المرض النفسي "بخل مرضي" ، أما البعد الأخلاقي ينعدم لدى البخيل ؛ لأن البخيل شخصية جوفاء لا أخلاق لها فالدرهم له تأثير كبير على شخصية البخيل إذ أنه يؤثر الدرهم على ذاته.
- شخصية البخيل تثير الدهشة و الاستغراب و السخرية و الاشمئزاز لدى القارئ.

4) لغة المقطع:

- تعدت الضمائر العائدة على الدرهم "خاطبه – ناجاه – فدّاه- استبطأه – قطعت – فارقت – رفعت – أخملت – تعري – تضحى .." دلالة على كثرة حب الأب البخيل للدرهم و اهتمامه الزائد له.

- يظهر في هذا الجزء معجمين أساسيين هما الديني و الاقتصادي:

أ. المعجم الديني: مناجاة – لا تذل – لا تهان – اسم الله ..
ب. المعجم الاقتصادي: البخل – كيس – درهم – أخرج الدرهم ..
دلالة على شدة بخل الأب و حبه الشديد للمال و الاحتفاظ به و جعله شيء مقدس بالنسبة له.
- "خاطبه و ناجاه و فدّاه و استبطأه": صور الكاتب الدرهم بالصديق الذي يُخاطب و يُستفقَد إذا غاب عنع و جميع الأفعال مقصدها واحد و هو حب الدرهم الشديد ( فروعها متنوعة لكنها موحدة المعنى ).
- "إنك لا تعرى و لا تضحى": جعل الكاتب الدرهم شيئاً مقدساً مهماً مستنداً إلى الآية : ((و إنك لا تظمأ فيها و لا تضحى)).


5)الراوي:

- "زعموا" إشارة إلى صوتين:  أ.صوت غائب (واو الضمير): الناس.
                                    ب.صوت السارد: الراوي.
- كان الراوي يعبر عن شخصية الجاحظ و أسلوبه و يعبر عن رؤيته للبخل ، أيّ أن الجاحظ يعكس شخصيته.

((سياق التحول)):

1) البعد الحجاجي:

- برزت أطروحتان " قضيتان" تتصارعان في هذا الجزء : إلحاح الأهل في شهوة و عزم الأب على عدم صرف أيّ درهم.
- كانت حجة الأب البخيل في عودته بالدرهم أنّ الحاوي قد بذل حياته من أجل درهم فتراجع معتبراً ما رآه حكمة من الله تنهاه عن صرف الدرهم و توقظه و هو لصالح الأب.
- اكتسبت الحجة قوتها من الرغبة في التوفير لدى الأب و في ذلك دلالة على بخله الشديد.

2) الموقف المسرحي و المفارقة:

- شكل إخراج الدرهم مفارقة بسبب حوار الأب معه و حرصه على عدم إنفاقه و الحفاظ عليه.
- تكمن المفارقة الأساسية في هذا المقطع في رد الدرهم للكيس فقد قدمته إنساناً غير سوي.
- كذلك هنا شخصية الأب البخيل تثير السخرية و الدهشة لدى القارئ أيضاً.

3) لغة المقطع:

- برزت في هذا المقطع ثلاثة أحرف عطف:
أ. " و أن أهله" الواو هنا تفيد الربط و المشاركة و الجمع.
ب. "فدافعهم في ذلك" الفاء تفيد التعقيب و الترتيب و سرعة الرد.
ج. "ثم حمل" ثم تفيد التعقيب و التراخي.
*أثبتت أحرف العطف هذه نجاح الأهل في الوصول لمبتغاهم و أكدّت صفة البخل الشديد على الأب.
- "لدرهم" اللام تفيد التعلليل (لام التعلليل).
- جاءت الأفعال و الأحداث بشكل خطي ؛ لأن الأحداث كذلك جاءت متسلسلة.

(( وضع الختام )):

- غاب حرف العطف  "ثم" و حضر حرفا " الفاء و الواو" لاستعجال الأب في العودة و رد الدرهم في الكيس ، دلالة على قصر المدة.
- قرار الأب في العودة و عدم شراء مايريده الأهل و رد الدرهم للكيس يدل على أنه لا أخلاقي مؤذٍ منبوذ اجتماعياً مريض نفسياً.
- كان تصرف الأهل في تمنيهم موت الأب للخلاص منه و من بخله تصرف غير سوي ؛ لأن تصرف الأب لا ينسجم مع تمنياتهم و مصالحهم.
- من الدروس الإنسانية المتعلمة من النص:
*البخل صفة شنيعة منبوذة في المجتمع.
*الإنسان هو القيمة التي ينبغي إعلاؤها و ليس الدرهم.


- القصة الثانية إسراف الأب في نظر الابن

- البنية الحدثية للقصة الثانية

 


((وضع البداية)):

- بدأت القصة الثانية بحرف العطف "الفاء" (فاستولى) دلالة على المسارعة بالإمساك بالتركة و الترتيب و التعقيب.
- و حرف العطف "الواو" (و ظنوا) دلالة على المشاركة.
- قام المقطع على السرد لأن الكاتب يسرد الأحداث و يهيئ القارئ للوضع الجديد للبخل بقيادة الابن.

(( سياق التحول)):

1) الحوار:

- قام الحوار الثنائي في هذا المقطع و دلالته كشف هم الابن الاقتصادي.
- كذلك دار هذا الحوار حول "الأُدم" دلالة على أن الابن هو الأكثر دقة في الاقتصاد.
- كان الابن صاحب فهم خاطئ للدين و غير سوي و ليس له أخلاق و لا قيم إنسانية كأبيه.
- الأهل كان لديهم خيبة أمل يعيشون موقع المظلوم من جميع النواحي.
- رب الأسرة غليظ ظالم يعاني من مرض نفسي "البخل الشديد".
- أفاد الحوار هنا في توضيح موقف الابن الأكثر بخلاً من الحزّ الذي في الجبنة.

2) الموقف المسرحي و المفارقة:

- الراوي لا دور له ، مجرد يلقي القصة و يسردها بحياديه لأنه خارج الأحداث.
- الفارق بين الأب و ابنه يكاد أن يكون متلاشياً " أيّ لا يوجد فارق بين الأب و ابنه " ، و يمكن أن يحول لمشهد مسرحي.
- أقام الحوار مفارقتين و هو إدام الابن و الأب ليثير الضحك و السخرية و الدهشة لدى القرّاء.

3) لغة المقطع:

- ربط الابن الفساد بالدين و وصف الأب بالمذنب.
- يظهر المعجم الديني في الكلمات: ما صلّيت – الفساد – أهلكني .. دلالة على المذهبية (المسجديين) و الاقتصاد لدى الابن و انعدام الدين.


- استفهم الابن مصحوباً بالدهشة و الانكار على إسراف الأب في نظر الابن في الإدام و اقتصار دور الأهل على الإجابة لسيطرة رب الأسرة البخيل.
- تكررت لفظة "أُدم" و مشتقاتها لأن الطعام هو باب الصرف لدى الأب.
- دلالة قول الابن "أرونيها" هو السيطرة و الاستبداد.

(( وضع الختام )):

- إشارة الابن لللقمة تجاوز حدود بخل الأب ، و هذا يدل على انتقاد طريقة الأب السابقة و بخله (أكثر الفساد – أهلكني – ما صلّيت ..).
- تحليل الخطاب المعلق
- قوّم الكاتب الأب و ابنه سلباً و ذكر خبر "البخلاء" في نصه ليس لكونه موافقاً على صفاتهم و مؤيداً لهم ؛ بل من أجل الاصلاح الاجتماعي.
-  في هذه القصة بعد تعليمي تربوي "أي حكمة أو درس أخلاقي" ، و بعد فني ؛ لأن النص عبارة عن فن النادرة يحتوي على عنصر المفارقة بشكل قصصي.

- الجانب التعليمي في القصة :

                                 1) عدم الإفراط في البخل.
                                 2) القيمة الأساسية في المجتمع هي الإنسان و ليس الدرهم.
                                 3) البخل صفة مذمومة شنيعة في المجتمع.

- إعادة بناء النص:

- يمكن لهاتين القصتين أن يعاد ترتيبهما في قصة واحدة ؛ لأن بينهما ترابط منطقي للأحداث و فيهم عنصري التشويق و المفاجئة.
- لو وازنت بين بخل الأب و بخل الابن لوجدت أن الابن أشد بخلاً من الأب في التعامل مع "الإدام".

إشــراف و تصــحيح : أ . ريحـانـة عـلـي  إعداد الطالبة:غفران هاني جعفر                                       عرب 102 من فنون الأدب

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-