الشعر العربي القديم غني بالتعبير عن مشاعر الإنسان المختلفة، ومن أبرز أنماطه الشعر الاعتذاري، الذي يُستخدم فيه الشعراء للتعبير عن ندمهم وطلب العفو. من بين أشهر شعراء الاعتذار النابغة الذبياني، الذي اشتهر بقصائده التي تفيض بالمشاعر الصادقة والتوسلات القلبية. قصيدته "وعيد أبي قابوس" تُعد نموذجًا لهذا النوع من الشعر، حيث يظهر فيها الشاعر خائفًا ومضطربًا بسبب تهديد الملك النعمان بن المنذر.
قصيدة "وعيد أبي قابوس" للنابغة الذبياني
تحمل في طياتها اعتذارًا صادقًا، لكنه مشوب بالخوف والاضطراب. النابغة في هذه القصيدة يقدم اعتذارًا يبدو وكأنه صادر من قلب مرعوب بعد أن تلقى تهديدًا من الملك النعمان بن المنذر. يظهر في القصيدة كيف يحاول الشاعر جاهدًا تبرئة نفسه من التهمة التي وُجهت إليه، مستخدمًا لغة مليئة بالحزن والاستعطاف، وكأنه يحاول استرضاء الملك وتجنب غضبه.
النص ينقسم إلى ثلاثة مقاطع رئيسية:
الأطروحة المدحوضة (المقطع الأول، الأبيات 1-6):
يبدأ الشاعر بالحديث عن وعيد النعمان ويعبر عن خوفه وقلقه من هذا التهديد. الجملة الاسمية "وعيد أبي قابوس أتاني" تعكس مدى ثبات هذا الخوف في قلب الشاعر، وكأن التهديد أصبح واقعًا ملموسًا. اختار النابغة أن يتحدث بشكل عام في البيت الأول بدلاً من توجيه الخطاب مباشرة للملك، ربما لأنه شعر بأن الحديث المباشر مع الملك قد يزيد من غضبه.
سيرورة الحجاج (المقطع الثاني، الأبيات 7-13):
هنا يسعى الشاعر لإقناع الملك ببراءته ونفي التهمة التي أُلصقت به. يحاول أن يُظهر للملك أنه غير مذنب، وأن ما قيل عنه ليس إلا افتراء. يغيب الشاعر سبب تهديد الملك له، ربما ليجعل الملك ينسى التفاصيل التي أدت إلى غضبه، وبالتالي يسهل على الشاعر تقديم اعتذاره.
النتيجة (المقطع الثالث، الأبيات 14-18):
في هذا الجزء، يأمل الشاعر في الحصول على عفو النعمان. يظهر النابغة هنا بأقصى درجات الضعف والرجاء، مستجديًا عفو الملك ومتمنيًا أن يقبل النعمان اعتذاره وينسى ما حدث. يتضح أن النابغة يسعى بكل ما أوتي من بلاغة وفصاحة إلى استمالة قلب الملك ليعفو عنه ويغفر له زلته.
روابط التحميل
قصيدة "وعيد أبي قابوس" للنابغة الذبياني تُعد نموذجًا مميزًا لشعر الاعتذار، حيث يعبر الشاعر عن مشاعر الخوف والندم بكل صدق وإخلاص. يظهر النابغة في هذه القصيدة وهو يحاول بشتى الطرق استمالة قلب الملك النعمان بن المنذر ليقبل اعتذاره، معتمدًا على أسلوب حجاجي قوي ولغة تعبر عن مدى اضطرابه وخوفه. تظل هذه القصيدة واحدة من أبرز القصائد التي تظهر براعة النابغة في التعبير عن مشاعره بصدق وفصاحة، مما جعلها تحتل مكانة متميزة في تاريخ الشعر العربي.
